Monday, June 23, 2025

هل منشأة فوردو الإيرانية خارج الخدمة؟

في تصعيد يُعيد إشعال التوترات الإقليمية، أعلنت مصادر إسرائيلية أن منشأة "فوردو" النووية الإيرانية لم تعد تعمل، بعد ضربة عسكرية دقيقة نُفذت بمشاركة أميركية مباشرة. تقع المنشأة في قلب منطقة جبلية قرب مدينة قم، وكانت أحد أعمدة تخصيب اليورانيوم في البرنامج النووي الإيراني. لكن السؤال المركزي: هل خرجت بالفعل عن الخدمة؟ أم أن الصورة أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه من التصريحات الرسمية؟

الضربة: بين الإعلان والتقدير

بحسب التصريحات الإسرائيلية الرسمية، فإن الضربة استهدفت أجهزة التخصيب المركزية داخل المنشأة، وهي أجهزة شديدة التعقيد تُعد ضرورية لتشغيل أي مفاعل تخصيب. بعض التقديرات تُرجح أن هذه الأجهزة قد دُمّرت بشكل يمنع إعادة تشغيلها على المدى القصير، خاصة مع استحالة تفكيكها أو تهريبها مسبقًا بسبب تركيبتها الهندسية المعقدة.
ومع ذلك، تبقى هذه الرواية أحادية الجانب، حيث لم يصدر أي تأكيد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا من الجانب الإيراني، ما يُبقي الوضع في خانة الغموض المعلوماتي المقصود أو المفروض.

إيران تلتزم الصمت.. هل هو مؤشر ضعف أم تكتيك؟

اللافت في هذا التطور، هو غياب أي رد إيراني رسمي، سواء بالتأكيد أو النفي. وقد فُسّر هذا الصمت بطرق مختلفة: فالبعض يراه دليلاً على وقع المفاجأة، وربما على حجم الضرر الفعلي، بينما يعتبره آخرون جزءًا من تكتيك الرد غير المباشر، حيث تفضل طهران الرد عبر ساحات النفوذ الإقليمي بدلاً من الدخول في مواجهة تقليدية مباشرة.

هل تم نقل اليورانيوم؟

أحد الأسئلة الفرعية المثارة حول العملية يتعلق بإمكانية أن تكون طهران قد نقلت بعض المواد النووية من فوردو قبل الضربة. بعض الخبراء يرون أن نقل كميات محدودة من اليورانيوم ممكن تقنيًا، لكنه لا يُغني عن فقدان الأجهزة نفسها، التي تُعد رأس الحربة في أي عملية تخصيب. وبالتالي، حتى في حال نقل مواد، فإن القدرة العملية على إعادة التشغيل ستبقى محدودة للغاية.

الردع المتجدد: فلسفة ما بعد فوردو

إذا صحّت الرواية الإسرائيلية، فإن تعطيل فوردو يُمثل نقلة نوعية في فلسفة الردع الإقليمي. إذ لم تعد إسرائيل تنتظر وصول البرنامج الإيراني إلى مرحلة السلاح، بل باتت تستهدف مراحل التخصيب والإنتاج المبكرة، في إطار ما تسميه بـ"الضربات الاستباقية المركّزة". وتُرسل تل أبيب من خلال ذلك رسالة مفادها أن لا منشأة محصنة، ولا وقت مضمون لطهران لبناء قدراتها بعيدًا عن العين الاستخباراتية أو اليد العسكرية.

ما بعد الضربة: تحديات واستفهامات

حتى لو خرجت فوردو مؤقتًا عن الخدمة، تبقى هناك أسئلة مفتوحة: هل ستلجأ طهران إلى بناء منشآت جديدة في مواقع سرية؟ كيف سيكون موقف المجتمع الدولي إذا اتضح فعليًا أن الضربة تجاوزت الشرعية الدولية؟ وهل سيكون الرد الإيراني مباشرًا أم عبر أطراف ثالثة؟

خلاصة: الإجابة ليست نهائية بعد

السؤال "هل منشأة فوردو خارج الخدمة؟" لا يمكن الإجابة عليه بشكل قاطع حتى الآن. التصريحات الإسرائيلية توحي بذلك، لكن غياب المعلومات المستقلة أو تقارير محايدة يترك الباب مفتوحًا أمام روايات متعددة. ما هو مؤكد فقط أن فوردو تلقت ضربة قاسية، وأن الشرق الأوسط دخل مرحلة أكثر تقلبًا وخطورة في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني.

0 Comments:

Post a Comment

Subscribe to Post Comments [Atom]

<< Home